يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، عدنان منصر، أن تونس”تعيش اليوم في لحظة موجة شعبوية عارمة، هي التي أدّت إلى وصول الشعبوية للحكم وهي التي ستؤدي إلى استمرار الشعبوية وتزايد إجراءات وأنماط سلوك تسمح باستمرار هذه الموجة في الحكم”، مؤكدا على أنه “لا يمكن أن تنكسر هذه الحلقة المفرغة، إلا عندما يبدأ الناس في التفطن إلى أن الشعبوية ليست إلا احتيالاً على الجمهور والشعب”.
ويفسّر عدنان بأن “الشعبويين سيستمرون في استغلال الغرائز ومشاعر الناس وتوجيهها إلى أعداء الشعبوية، ومنها النخب على سبيل المثال، فكلما استطاع الشعبويون إقناع الجمهور بأن النخب هي عدوة الجمهور، ستبقى الأوضاع جيدة بالنسبة إليهم”.
ويصف منصر “الحكم الشعبوي بأنه حكم غير مسؤول لأنه لا يقبل بفكرة المحاسبة على الإنجاز، ولا بشرعية الإنجاز، وبالتالي فهو يعوّل ببساطة على استغلال المشاعر والغرائز لتوجيه الاهتمام وكراهية الجمهور”.
وحول مسؤولية النخب في صعود الشعبوية وامتدادها، يبيّن منصر أن “الشعبويين يعتبرون ويروّجون لفكرة أن النخب هي عدوة الشعب، وبالتي يتخذون إجراءات ويتبعون سياسات يبدون فيها وكأنهم يمثّلون إرادة الشعب في عدائهم لهذه النخب، بينما في الحقيقة فإن العداء ليس بين النخب والشعب، بل بين النخب والشعبويين، وهو صراع وتسابق للتأثير على الناس، فليس حقيقياً أن الشعبويين يمثلون الشعب بل هذا ادعاؤهم”.
ويوضح منصر أكثر في هذا الإطار بأن “الشعبويين هم جزء من النخب قرّر تغيير قواعد اللعبة والمرور في عملية الاحتيال السياسي إلى الدرجة القصوى بادعاء أنهم يمثلون شعور الشعب وإرادته في حين أن دورهم يكمن في تغذية مشاعر الكراهية ضد النخب”.
إلى ذلك، يرفض منصر مقولة أن الديمقراطيين خسروا معركتهم في تونس، فـ”من الممكن أنهم خسروا مرحلة قد تطول، ولكن في النهاية ما يحسم هو قدرة الشعبويين على تحقيق وعودهم في المجال الاقتصادي والاجتماعي”.
ويعرب عن اعتقاده في هذا الصدد “أن تحقيق هذه الوعود يتطلب حسن فهم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والقدرة على مواجهتها بحلول عملية، وهذا الأمر فشل فيه الديمقراطيون رغم عقلانيتهم، ولا ينتظر أن ينجح فيه الشعبويون بالطريقة التي يُسيّرون فيها البلاد”. وبرأيه، فإن “هناك وقت يجب انتظاره حتى تظهر نتائج هذه السياسة، يمكن أن يدوم لسنوات، لكن الشعبويين سيفشلون في النهاية بعملية الاحتيال”.